الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)

كتاب (الجامع لأحكام القرآن) ، والمعروف بتفسير القرطبي –  من أجل كتب التفاسير، لما اشتمل عليه من بسطٍ لمعاني القرآن، وتفصيل في أحكامه، ثم لما ورد فيه من قراءات وإعراب، وشواهد شعرية، ومباحث لغوية، ونُكتٍ نحويَّة وصرفية، ورد على أهل البدع والأهواء.

مقدمة كتاب (الجامع لأحكام القرآن):

وقد بدأ المصنف رحمه الله تفسيره هذا بمقدمة ضافية، تتعلق بفضائل القرآن، وترغب فيه، وفضل طالبِه وقارئه ومستمعه، والعامل به، وكيفية تلاوته، والحث على إعرابه وتعليمه، وتحذير أهله من الرِّياء.

وأورد فيها جُملاً من آداب حَمَلَتِه، وما ينبغي عليهم من تعظيمه وحُرمته، وعقد أبواباً في معنى الأحرف السبعة، وما جاء في جمع القرآن، وترتيب سُوَره، وآياته، وشَكْله، ونَقْطه، وتحزيبه .. وغير ذلك من الأبحاث المتعلقة بعلوم القرآن التي لا غنى عنها لكل طالب علم.

تقسيم كتاب (الجامع لأحكام القرآن):

ثم شرع في تفسيره، فبدأ بالكلام على الاستعاذة؛ فصَّل ذلك في اثنتي عشرة مسألة، تتعلق بمعناها وفضلها، وأحكامها في التلاوة وفي الصلاة، واشتقاق ألفاظها مستشهداً على ذلك بأشعار العرب.

ثم تكلم على البسملة، فذكر فيها ثمانياً وعشرين مسألة: في فضلها، وهل هي آية من القرآن أم لا، وذكر أقوال الأئمة في ذلك، وجواز كتابتها في أول الكتب والرسائل، والندب إلى ذكرها عند أوَّل كل فعل، واشتقاق ألفاظها..

ثم بدأ بتفسير سورة الفاتحة، وجعل ذلك في أربعة أبواب:

الأول: في فضلها وأسمائها، وفيه سبع مسائل.

الثاني: في نزولها وأحكامها، وفيه عشرون مسألة.

الثالث: في التأمين، وفيه ثمان مسائل.

الرابع: فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والإعراب وفضل الحامدين، وفيه ست وثلاثون مسألة.

طريقة التفسير في كتاب (الجامع لأحكام القرآن):

وطريقته العامة في التفسير، فهو يورد تفسيرة آية – أو أكثر – في مسائل، يرتبها على حسب المباحث التي يذكرها فيها، والغالب على هذه المسائل ما يلي:

  1. ذكر فضل السورة أو الآية، وما ورد في ذلك من أخبار، وربما ذكر فضل السورة قبل بدئه بالمسائل.
  2. ذكر سبب النزول.
  3. تفسير الآية بما ورد فيها من آثار (وهو ما يُعرف بالتفسير المأثور)، وبما تحتمله الألفاظ من معانٍ في اللغة، مستشهداً على ذلك بأشعار العرب، وأقوالهم.
  4. ذكر الأحكام القهية المتعلقة بالآية، مع ذكر الاختلاف فيها بين الأئمة مع إيراد أدلة كل منهم.
  5. ذكر ما يتعلق بألفاظ الآية من اشتقاقٍ، وتصريفٍ، وإعلالٍ، وإعراب، مع إيراد أقوال أئمة اللغة فيها أحياناً.
  6. ذكر وجوه القراءات، المتواترة منها وغيرها.

إلى غير ذلك؛ من ترجيحٍ لقول، أو تصحيح لحديث، أو تعقُّبٍ لمصنِّف، أو ردٍّ لأقوال بعض الفرق، كالمعتزلة والقدرية ..، أو تنبيه على سلوك غلاة المتصوفة ..

وفي الحقيقة؛ فإن هذا التفسير يُعدُّ بحقّ موسوعةً علمية، جمع فيه القرطبي رحمه الله من شتى أنواع العلوم، وخصَّ منها أحكام القرآن بالتفصيل، فبنى كتابه عليها، وأفاض في مسائل الخلاف، بعيداً عن أيٍّ تعصُّب مذهبيّ، فجاء كتابه (جامعاً لأحكام القرآن).

مصادر المصنف في كتاب (الجامع لأحكام القرآن) وطريقة إفادته منها:

من أسباب غَناء هذا التفسير كثرةُ موارده التي استقى منها المصنفُ تفسيرَه (الجامع لأحكام القرآن)، منها ما هو متداولٌ، ومنها ما هو غير معروف، وهذا يدل على سَعَة اطّلاعه، وتبحُّره في العلم، وإمامته في هذا الفن، وإن كلَّ من يطالعُ هذا التفسير ليدرك ذلك.

وقد أكثر المصنفُ رحمه الله من النقل من تلك الموارد في جميع المسائل المتعلقة بتفسيره، غير أنه كان أكثرَ اعتماداً على بعض المصادر دون بعض:

 

ومن أهم مصادر كتاب (الجامع لأحكام القرآن):

  • المحرر الوجيز، وهو تفسير ابن عطية (546هـ).
  • النكت والعيون، وهو تفسير الماوردي (450هـ).
  • تفسير أبي الليث السمرقندي (375هـ).
  • الوسيط، وهو تفسير الواحدي، وأسباب النزول للواحدي (468هـ).
  • معاني القرآن، وإعراب القرآن، والناسخ والمنسوخ، لأبي جعفر النحاس (338هـ).
  • التمهيد، والاستذكار، والكافي، والدرر في اختصار السير، وغيرها، لأبي عمر ابن عبد البر (463هـ).
  • أحكام القرآن، والقبس شرح الموطأ، وغيرهما، لأبي بكر ابن العربي (543هـ).
  • معاني القرآن لكل من الأخفش سعيد (211هـ)، ويحيى بن زياد الفراء (207هـ)، وأبي إسحاق الزجَّاج (311هـ)، ومجاز القرآن لأبي عبيدة (210هـ).
  • أحكام القرآن للكيا الهراسي (504هـ).
  • المفهم لأبي العباس القرطبي (656هـ).
  • المدونة لأقوال مالك (179هـ) رواية سحنون (240هـ) عن عبد الرحمن بن القاسم (191هـ)، والمعونة للقاضي عبد الوهاب البغدادي (422هـ)، والمنتقى لأبي الوليد الباجي (494هـ)، وعقد الجواهر الثمينة لابن شاس (616هـ)، والأوسط، والإشراف لابن المنذر (318هـ)، والبرهان للجويني (478هـ)، وكتب لابن خويز منداد (نحو 390هـ).
  • كتب لأبي بكر ابن الأنباري (328هـ)، ولأبي بكر ابن الطيب الباقلاني (403هـ).
  • مشكل إعراب القرآن، والكشف عن وجوه القراءات، والإيضاح في الوقف والابتداء لمكي بن أبي طالب (437هـ).
  • المحتسب لابن جني (392هـ).
  • جامع البيان، والتيسير، والمقنع عمرو الداني(444هـ).
  • غريب القرآ، لابن قتيبة (276هـ)، وغريب الحديث والناسخ والمنسوخ لأبي عُبيد القاسم بن سلَّام (224هـ)، وغريب الحديث الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام (224هـ)، ومعالم السنن، وغريب الحديث، وأعلام الحديث للخطابي (388هـ).
  • الصحاح للجوهري (393هـ)، ومجمل اللغة لابن فارس (395هـ)، وتهذيب اللغة للأزهري (370هـ).
  • الكتب التسعة في الحديث، ومصنف أبي بكر ابن أبي شيبة (235هـ)، ومسند البزار (292هـ)، وصحيح ابن حبان (354هـ)، وسنن الدارقطني (385هـ)، وسنن البيهقي (458هـ)، والأحكام الصغرى لأبي محمد عبد الحق الإشبيلي (582هـ).
  • السير والمغازي لابن إسحاق (151هـ)، والمغازي للواقدي (207هـ).
  • الرسالة القشيرية لأبي القاسم القشيري (456هـ)، ونوادر الأصول للحكيم الترمذي (320هـ)، وعرائس المجالس لأبي إسحاق الثعلبي (427هـ).
  • الأسماء والصفات للبيهقي (458هـ)، والمنهاج في شعب الإيمان للحَلِيمي (403هـ)، والإرشاد للجويني (478هـ)، واشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي (340هـ).

وكان رحمه الله ينسب الأقوال إلى أصحابها غالباً، ويترك ذلك في مواضع. وكان نقلُه أحياناً بواسطة، فمثلاً نقل بواسطة ابن عطية عن كل من الطبري، والمهدوي، وأبي علي الفارسي، ومكي بن أبي طالب، وابن جني.

 

 

 

Share:

Share on facebook Facebook Share on twitter Twitter Share on pinterest Pinterest Share on linkedin LinkedIn On Key

شاهد أيضا

اشترك في القائمة البريدية


by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *